هي زوجة " فرعون موسى " ، وهي التي التقطت " موسى " عليه السلام من نهر النيل بعد أن وضعته أمه في صندوق وقذفته في النيل خوفاً من أن يقتله " فرعون " قال تعالي : { وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفتِ عليه فألقيه في اليَمِّ ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين } .
وقد صور القرآن الكريم حماسها وحرصها على حياة موسى فيما قالته لزوجها " فرعون " { وقالت امرأةُ فرعون قرةُ عينٍ لي ولك . لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وهم لا يشعرون ) .
وقد آمنت " آسية " بالله وبما جاء به موسى عليه السلام فكانت مثالاً خالداً لصدق الإيمان ، وقد تعرضت في سبيل دينها لألوان العذاب على يد فرعون لكنها أظهرت الصبر والإيمان في مواجهة الكفر والإلحاد ، وضربت أعظم الأمثلة في الثبات واليقين والتعلق بالآخرة ، ولم تَخْشَ سُلطان فرعون ولا جبروته ، ولم تضعف أمام طغيانه أو ظُلمه ، ولم يصدّها طوفان الكفر الذي أحاط بها في قصر فرعون ، ولم تشغلها زينة الحياة الدنيا التي يزخر بها القصر ، بل صمدت واستعلت بإيمانها وبرهنت على أن المرأة المؤمنة تبلغ بإيمانها ما لا يبلغ كثير من الرجال ، فقد أمر فرعون أن تطرح على صخرة فدعت ربها فقبض روحها إليه قبل أن تسقط على الصخرة ، ويروى أيضاً أن فرعون أمر أن تقيد على الأوتاد وأخذ يعذبها حتى ماتت ، إلا أن موسى دعا ربه أن يخفف عنها العذاب فلم تجد بعد ذلك ألماً للعذاب والتنكيل .
لقد أدركت آسية بإيمانها أن كل إنسان سيحاسب على ما فعل في ديناه ، وأن المؤمن لن يضره كفر الكافر وإن كان أقرب الناس إليه ، ولذلك سارعت إلى التبرؤ من فرعون وعمله وأعلنت إيمانها بالله وتعلقها به داعية الله تعالى : { رَبِّ ابْنِ لي عندك بيتاً في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين } . فأول ما تعلق به قلبُها هو جوار الله عز وجل { عندك } ، ثم تلاه نعيم الجنة { بيتاً في الجنة } ، ثم جاء أخيرًا الخروج مما تقاسي من فتنة في دينها : { ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين } فاختارت لقاء الله وتعلقت بالآخرة ، وغلب عليها تعلق روحها بالله على ألم الجسد وتعذيب الكفار لها ، وقد امتدحها القرآن الكريم وضرب بها المثل في التقوى والصلاح وقرنها بالسيدة مريم البتول الطاهرة وجعلها قدوة للنساء : قال تعالى { وضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين . ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين } .
وقد احتلت السيدة " آسية " مكانة عظيمة بين نساء العالمين ، فكانت مثلاً يحتذى في الإيمان والصدق والعفة والنقاء والصبر والتحمل في سبيل دينها ، وقد روى الشيخان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كمل من الرجال كثير ، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ، ومريم ابنة عمران … " .
المصادر :
- سفير : دائرة المعارف 1 / 21 : 22 .